وسائل لحفظ القرآن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
وسائل لحفظ القرآن الكريم
ان مما يعين على حفظ كتاب الله هو الآتي
1- تقوى الله عز وجل واجتناب الذنوب, قال علي بن خشرم: شكوت إلى وكيع قلة الحفظ, فقال: استعن على الحفظ بقلة الذنوب.
وقال محمد بن رافع: قيل لسفيان بن عيينة: بم جدت الحفظ؟ قال: بترك المعاصي.
وقد ذكر في ترجمة الشيخ الحافظ عبدالله بن محمد الدويش (المتوفى سنة:1408) رحمه الله أنه كان كثيراً ما يوصي الطلاب بتقوى الله عز وجل ويحثهم على الاستقامة مستشهداً بقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ﴾ وأن هذا مما يساعد على الحفظ, ويذكر أن الشيخ الألباني رحمه الله اجتمع بالشيخ عبدالله الدويش, وحصل بينهما نقاش علمي, وفي نهاية المجلس قال الشيخ الألباني للشيخ عبدالله الدويش: أنت أحفظنا، ونحن أجرؤا منك. أو كما قال رحمه الله.
والإنسان قد يحرم من العلم والحفظ بسبب ذنوبه, وهذا من شؤم المعاصي والذنوب.
2- حضور القلب عند الحفظ, وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ ، قال الحسن البصري رحمه الله: يقول استمع وقلبه شاهد, فإن قلبه إذا حضر عقل ما يقال, وإذا غاب القلب لم يعقل ما يقال له.
3- الصبر وكثرة التكرار.
قال مطرف: كان قتادة إذا سمع الحديث يختطفه اختطافا, وكان إذا سمع الحديث لم يحفظه أخذه العويل والزويل حتى يحفظه!
وقال الجنيد: ما طلب أحد شيئا بجد وصدق إلا ناله, فإن لم ينله كله نال بعضه.
وقد زعم رجل أن البخاري رحمه الله كان يأخذ دواء للحفظ اسمه ( بلاذر ) فسأله أحد تلاميذه : هل من دواء يشربه الرجل فينتفع به للحفظ؟ فقال: لا أعلم, ثم أقبل عليه وقال له: لا أعلم شيئا أنفع للحفظ من نهمة الرجل, ومداومة النظر.
قلت: ومراده رحمه الله بـ ( مداومة النظر ) التكرار, والناس يختلفون في هذا فمنهم من يحفظ من مرة, ومنهم من يحفظ من خمس مرات, ومنهم من عشر, ومنهم من خمسين وهكذا.
و قال الفضل بن سعيد بن سالم: كان رجل يطلب العلم فلا يقدر عليه, فعزم على تركه, فمر بماء ينحدر من رأس جبل على صخرة قد أثر الماء فيها, فقال: الماء على لطافته قد أثر في صخرة على كثافتها, والله لأطلبنَّ العلم, فطلب فأدرك!
4- أن لا يكثر من المحفوظ, وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل, قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً.
وقال سفيان الثوري: كنت آتي الأعمش ومنصوراً فأسمع أربعة أحاديث أو خمسة ثم أنصرف, كراهة أن تكثر وتفلّت.
وقال شعبة : كنت آتي قتادة فأسأله عن حديثين, فيحدثني, ثم يقول: أزيدك؟ فأقول: لا, حتى أحفظهما وأتقنهما.
وقال الزهري: من طلب العلم جملة فاته جملة, وإنما يدرك العلم حديث وحديثان.
وقال هشام بن أبي عبد الله: كنا ربما رجعنا من عند قتادة بنصف حديث, يحدثنا بالحديث فنحفظه, فنحفظ نصفه, ثم نعود فنحفظ نصفه من الغد.
قلت: وهذا يحمل على الأحاديث الطويلة والله أعلم.
5- أن الحفظ إذا لم يتعاهده الإنسان فإنه يذهب، وأصدق دليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تعاهدوا القرآن فو الذي نفسي بيده لهو أشد تفصياً من الإبل من عقلها ).
6- مذاكرة المحفوظ مع الزملاء, فينبغي لطالب العلم أن يذاكر ما يحفظه من العلم مع إخوانه فإن هذا مما يثبت الحفظ ويرسخه.
وقد قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: إحياء الحديث مذاكرته, فتذاكروا. وقال له عبد الله بن شداد بن الهاد: رحمك الله, كم من حديث أحييته في صدري قد كان مات!
7- أن الإنسان كلما ازداد محفوظه من العلم كلما سهل عليه الحفظ, قال الزهري: إن الرجل ليطلب وقلبه شِعْبٌ من الشعاب, ثم لا يلبث أن يصير واديا لا يوضع فيه شيء إلا التهمه.
قلت: فالشعب مجرى الماء الصغير, والوادي معروف أنه مجرى متسع للماء, فشبه الإنسان في بداية طلبه وحفظه للعلم بالشعب الصغير, فلا يزال يتسع ويتسع كلما ازداد علما وحفظا حتى يصبح مثل الوادي الكبير الذي لا يوضع فيه شيء إلا التهمه.
وقال الحارث بن أسامة: كان العلماء يقولون: كل وعاء أفرغت فيه شيئا فإنه يضيق, إلا القلب فإنه كلما أفرغ فيه اتسع.
وقال أبو هلال العسكري: كان الحفظ يتعذر علي حين ابتدأت أرومه [أي: أطلبه] ثم عودته نفسي إلى أن حفظت قصيدة رؤبة ( وقاتم الأعماق خاوي المخترق ) في ليلة, وهي قريب من مائتي بيت.
وقال العلامة ابن القيم: من استكثر من الحفظ قويت حافظته, ومن استكثر من الفكر قويت قوته المفكرة .
8- العناية بالفهم والعمل.
هذا من أهم ما يساعد طالب العلم على الحفظ, أن يفهم ما يحفظه, ولا يكون همه مجرد ضبط الكلمات بدون فهم لمعانيها, وكذلك على الإنسان أن يعمل بما حفظه فهذا مما يثبت هذا المحفوظ في ذهنه.
9- ابتكار طرق خاصة تساعد على الحفظ, فيحاول طالب العلم أن يستفيد من طرق غيره في الحفظ, وأيضا يحاول أن يبتكر طرق خاصة به تساعده على الحفظ, وأذكر هنا طريقة استفدتها من شيخنا المحدث/ أبو عبد الرحمن السعد – حفظه الله – وهي تحديد الرواة الذين يشتركون في الاسم والدرجة من أصحاب الكتب الستة, ومن أمثلة ذلك:
- لا يوجد في الكتب الستة من اسمه قتيبة إلا راو واحد، وهو قتيبة بن سعيد الثقفي وهو ثقة ثبت.
- يوجد في الكتب الستة ثلاثة من الرواة اسمهم آدم وكلهم ثقات, وهم : آدم بن أبي إياس, وآدم بن سليمان (خرج له مسلم حديث واحد), وآدم بن علي العجلي.
وهناك عدة أمثلة على ذلك لعلي أذكرها في مرة قادمة إن شاء الله تعالى، فهذه الطريقة تساعد طالب العلم في معرفة أحوال الرجال.
وقد سمعت شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله, يقول: هناك راويان في الكتب الستة: أحدهما : الرَّبيع بن صَبيح , والآخر: مُسلم بن صُبيح ، وذكر كلاما معناه: أن الراوي الأول بفتح الحرف الأول من اسمه واسم أبيه, والراوي الثاني بضم الحرف الأول من اسمه واسم أبيه.
فمثل هذه الطرق تساعد الإنسان على الحفظ والضبط، ويكتسب الإنسان ذلك من خلال أصحاب التجربة أو من ابتكاره الشخصي.
والله تعالى أعلم وأحكم, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مواضيع مماثلة
» حصرياً البرنامج الشامل:تحفيظ و تعليم و تفسير القرآن الكريم
» أخـيـرا القرآن الكريم كاملا بأصوات قراء إذاعة الزيتونة
» قصص القرآن : الموسم الثاني *** إسلاميّات رمضان 2009 ***
» ﱢﱟﱞﱡ۩ﱡﱞﱟ تفسير القرآن كاملا للشيخ الشعراوي 572 درسﱢﱟﱞﱡ۩ﱡﱞﱟﱢَ
» أصغر حافظ للقرآن الكريم في تونس
» أخـيـرا القرآن الكريم كاملا بأصوات قراء إذاعة الزيتونة
» قصص القرآن : الموسم الثاني *** إسلاميّات رمضان 2009 ***
» ﱢﱟﱞﱡ۩ﱡﱞﱟ تفسير القرآن كاملا للشيخ الشعراوي 572 درسﱢﱟﱞﱡ۩ﱡﱞﱟﱢَ
» أصغر حافظ للقرآن الكريم في تونس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى